بـقــلــــم: فضيلة الشيخ أمير رعد
عضو المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى
الحمد لله الذي جعل الصيام صبرا وجعل الصبر أجرا وجعل أجره بدخول الجنة بغير حساب, والصلاة والسلام على من علمنا حقيقة الصبر على البلاء وعلى فعل الطاعات وعلى ترك المنكرات.
قال سبحانه ” إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ” ومن رحمة الله بعباده أن جعل الصبر _ليس كما يظن البعض_ أنه على البلاء والمحن فقط, إنما للصبر أنواع ثلاث:
1- صبر على البلاء والمحن.
2- صبر على فعل الطاعات.
3- صبر على ترك المعاصي.
الصبر على البلاء: يتجلى في قوله تعالى ” وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَىْءٍۢ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍۢ مِّنَ ٱلْأَمْوَٰلِ وَٱلْأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِ ۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ” هذا ما يصيب الانسان من ابتلاءات في هذه الدنيا من موت قريب او فقد حبيب وابتلاءات بالنفس والمال من مرض وغير ذلك. فالمحتسب والصابر يرجع الامر لله “إنا لله وإنا اليه راجعون”. والعطاء والجزاء من الله بأن تتنزل الرحمات ويهديه سواء السبيل في الدنيا ويعطيه جنة الآخرة.
الصبر على الطاعات: قال تعالى “وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ۖ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ ۗ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ ” ففعل الطاعة فيه مجاهدة وعناء وخاصة أنها ملئ إرادة واختيار وليست كالبلاء مجبر فيها لا خيار, فالذي يصبر على فعل الطاعة هو مخير بين الفعل او الترك فإن أجره مضاعف لأنه يقوم بالفعل من اجل ان يرضى الله عنه دون الزام أو إجبار.
الصبر على ترك المعاصي: قال تعالى “وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ” فالمعصية تلبي الرغبات والشهوات وتسوق الانسان للوقوع في النزوات فمن صبر على ترك المعاصي ونهى نفسه عما يجول في هواها فإن الجنة هي مأواه.
ومن أعظم القربات الى الله تبارك وتعالى هي مجاهدة النفس ومجاهدة العدو حيث قال تعالى “كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ” ومن المفارقات في شهر رمضان المبارك ان تكون اول غزوة في الاسلام في السنة الثانية للهجرة “بدر الكبرى” وآخر غزوة في الاسلام في السنة العاشرة للهجرة “فتح مكة” فهو شهر المجاهدة والمصابرة على لقاء العدو “فلا تتمنوا لقاء العدو واذا لقيتموه فاثبتوا” وما نعيشه اليوم من صبر واحتساب لأهل فلسطين في المرابطة والدفاع عن مقدسات الأمة فهم بالفعل أهل صبر ورباط ويقين بالله.
نسأل الله تعالى ان يجعلنا من الذين يدخلون الجنة بغير حساب بفعل الطاعة وترك المعصية والصبر على البلاء عند نزوله وما اكثرها في واقعنا الاليم. اللهم فرج همنا واكشف كربنا.