بقلم: الشيخ أسامة فضل شحادة
خطيب وإمام مسجد البِرْكة – البداوي
إذا سألنا سؤالاً ما هي الأزمة الأساسية التي يعاني منها المسلمون، وتنعكس على المسلم دنيا وآخرة في آن معًا؟؟ هل هي الأزمات الاقتصاديّة؟ هل هي الأزمات السياسيّة؟ هل هي الأزمات التعليميّة؟؟؟ لا، إنّما هي أزمة الأخلاق.. ماذا يحصل لو انعدمت الأخلاق في أمّة من الأمم، ومجتمع من المجمتعات؟؟ كيف سيكون التعايش بين النّاس في مجتمع انعدم فيه الصدق؟ كيف سيثق النّاس بكلام الأطباء والمهندسين والسياسيين والتجار والمعلمين، إن كان الكذب هو المسيطر في هذا المجتمع؟؟ كيف تكون أمّة قادرة على بناء حضارة مثلى يقتدى بها لولا فضائل التعاون والمحبة والإيثار والوفاء بالوعود وأداء الأمانة، كيف سيكون المجتمع متماسكاً إن لم تكن قيم العدالة والتسامح والعفو هي السائدة بين أبنائه؟؟؟ ولم يبالغ شوقي حين قال:
وإنِّما الأُمَمُ الأخلاقُ ما بَقِيَتْ فَإنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخلاقُهُمْ ؛ ذَهَبُوا
هذا على صعيد الواقع، أمّا إذا نظرنا في نصوص القرآن فإننا سنجد أنّ الحديث عن الأخلاق كان من سمات القرآن المكي والمديني على السواء، ونجد الترابط بين الإيمان وحسن الخلق متلازماً في كل القرآن الكريم..فالأخلاق هي خلاصة رسالة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذ قال (إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ) هذه رواية الإمام احمد وفي الرواية المشهورة عند البزار، (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وقد فهم أصحاب النّبيّ عليه الصلاة والسلام هذه المعاني، فعرفوا رسالة الإسلام تعريفاً يحتوي على مكارم الأخلاق، يؤكد هذا القول، جوابُ الصحابي الجليل، جعفر بن أبي طالب يوم كان في الحبشة، والنجاشي يسأله عن حقيقة هذا الدين حيث عدد مكارم الأخلاق..
اهتماماً بالأخلاق اختار الله تعالى من بين كلّ الصفات التي تحلّى بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم ووصفه،:(وإنك لعلى خلق عظيم)، فما هو خلقه العظيم هذا وأما هو في شخصه عليه الصلاة والسلام فقد كان صلى الله عليه وسلم كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: خلقه القرآن ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« ما من شىء أثقل فى الميزان من حسن الخلق».وقال صلى الله عليه وسلم:« إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم» فهل أدرك الصائمون هذا المعاني؟؟