بقلم: فضيلة الشيخ طارق صافتلي
كاتب ومدرس وخطيب في مساجد عرمون والجوار..
وانا اقرأ في سوره ابراهيم عليه السلام.. في ختمتي في الشهر الكريم..مررت على حوار الرسل مع كفار اقوامهم.. وهي الفئه الأشد جحودا و إعراضا عن الهداية والايمان والرشاد..
استوقفتني كلمات قليلة المباني غزيرة المعاني .. وهي قول الرسل لهؤلاء: قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ( ۖ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ) وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى . هل تاملتها..؟؟ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ
اعتدنا ان الدعوة بين طرفين إما ان تكون في غايتها زيادة في التآلف او السَمر اول صلة للارحام،او غيرها من الوصل الاجتماعي.. أو تكون دعوة بين متخاصمين ليثبت كل ذي حق حقه.. و في غالب الاحيان تستمر الخصومة والانقطاع بعد الدعوة او الدعوى.. ولكن ان تكون دعوة من صاحب حق وصاحب فضل ومنّة. على الطرف الاخر المدعو ، وقد ناله الأول من الأذى من جانب المدعو من الانقطاع والجحود والجفاء والاجحاف و ربما السب والشتم وسوء الظن..
ثم يدعو الطرف الاول ويقول له تعال لنتصافى و اسامحك على كل ما فعلت،وما بدر منك تجاهي..
ولكن فقط أقبِل علي.. بل ويحاول بشتى طرق التحفيز والجذب.. وتعبيد وتزيين الطريق والسبل ليقبل هذا البعيد.. هذه الدعوة..أي حب هذا؟؟
لعمري إن هذا لشيء عجيب وهذا خلق يندر بل يكاد ينعدم وجوده بيننا.. ونسأل من ذا الذي اتصف بهذه الصفات الحميدة..؟
صفة الود والرحمة والصبر والحلم والتسامح والتجاوز والاحسان الى المسيء..
هو الله..
يدعو البعيد عنه والجاحد به فيرسل له من يخبره بانه مدعو ليغفر له.. ثم تأملت بيان (يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم) عند خطابه لجميع خلقه، مشركهم وكافرهم ،وللظالم وللمتكبر والعاصي.. في قوله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.. ثم تذكرت.. ( يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم) عند دعوته لخواص عباده المذنبين.. ان يغتسل من هذا النهر الذي يمر بباب احدهم..فيغتسلون منه خمس مرات كي لا يبقى من ادرانهم شيء ،فيقول لهم (حي) اي اقبل على الفلاح,,
يدعوهم ..هي دعوة.. او ليس المصطفى علمنا ان بعد هذه النداء.. يقول العبد اللهم رب هذه الدعوة اي صاحب الدعوة التامة والصلاة القائمة ..فهي دعوة ليغفر لنا من ذنوبنا . ثم سافرت الى بيت الله الحرام وتذكرت..
انه من اراد منا دعوة محب طال غيابه الى بيته وداره يستضيفه.. وهو في غاية الشوق لرؤيته ولاكرامه..
يهيئ له المكان من تجهيز وتجميل وتعطير الوسائد والاسِرّة والاثاث..
فتذكرت قوله تعالى :وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ
فيدعو ضيوفه ليغفر لهم ..في قوله: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم..
ثم وجدت نفسي في شهر الصيام وجدت نفسي مدعوا من الملك..
ففتح لي ابواب الجنان وغلق لي أبواب النيران وصفد لي دواعي الشر.. أن أقبل واستغفر..
فقال لي على لسان الداعي ..رغم انفك ايها العبد ان تدخل رمضان ولم اغفر لك.. وان لي في كل يوم في هذا الشهر عتقاء من النار ..فيدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم.. بل يدعوني وانا البعيد وهو المهرول حين يراني ماشيا اليه يلقاني في منتصف السير ويقول: لو جئتني بقراب الارض خطايا لقيته بقرابها مغفره..
يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم.. حتى في ما نستقله من افعال واعمال ،كما غفر للبغي بسقيا ماء.. يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم.. لانه الودود. لانه الله.. ف، يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ..