بقـلـم: الدكتور فـيـصـل طـراد
عضو مجلس نقابة الأطباء في الشمال
رمضان شهر الطاعة والعبادة وهو شهر يختلف عن باقي شهور السنة . إنه شهر التغيير وأول خطوات التغيير تكون بتعزيز الارادة والنية، لذلك شرع لنا النية قبل الشروع في العبادات مثل الصلاة والصيام وغيرها. هذه النية بالتغيير تجعلنا أكثر قابلية لتغيير أنفسنا وكذلك فإن الصيام لفترة طويلة خلال اليوم دون إدخال الطعام إلى الجسد تؤدي إلى ضعف قوته فيصبح اكثر ميلا إلى الهدوء وأكثر قابلية للتلقي فإذا ما تلقى في هذه الأيام المباركة النصائح الربانية من خلال الاستماع إلى المواعظ وتلاوة القرآن والابتعاد عن الصخب والرفث والسب، انعكس ذلك عليه هدوء وطمأنينة وسكينة.
إن الصيام يعمل على تقوية المناعة لدى الانسان . وقد قام باحثون من جامعة جنوب كاليفورنيا بدراسة على البشر والفئران في حالة الصيام عن الطعام لعدة أيام متتالية وجدوا بأن الصيام يحث الأجساد على التخلص من الخلايا الخاملة وإنتاج خلايا صحية جديدة، وهذا ما أثبته العالم الياباني يوشينوري اوسومي الحائز على جائزة نوبل في الطب عام ٢٠١٦ نتيجة أبحاثه حول الالتهام الذاتي للخلايا Autophagie خلال الصيام.
إن الصيام يؤدي إلى تقليل استهلاك الطاقة من الجسم مع تنشيط جينات السيراتونين المسؤولة عن إطالة عمر الخلايا وتحسين المزاج. كما أن للصيام اثر جيد على المخ وهو يقلل من الالتهابات واكسدة الأعضاء الحيوية في الجسم مصل القلب والكبد والأمعاء والدماغ وغيرها وهذا يؤدي إلى انخفاض المشاكل الصحية كآلام المفاصل والربو والسكري وغيرها كما يخفض ضغط الدم ويحسن صحة الشرايين. والصيام يشكل تحد للدماغ الذي عليه أن يعمل في حالة عدم وجود الطعام منا يزيد من الضغط عليه فيتكيف على العمل في الظروف الصعبة وينشط في مقاومة الأمراض.
إن الصيام يؤدي إلى تقليل بعض الانزيمات التي تعيق تجدد الخلايا الجذعية كما يقلل من هرمون النمو IGF1 المرتبط بالامراض السرطانية.
إن الالتهام الذاتي للخلية خلال الصيام يعمل على تحسين التمثيل الغذائي وحرق الدهون ويزيد من عمل الأنسولين وفعاليته على السكر، كما يساهم في فقدان السموم التي تترسب في الدهون ويساعد في خسارة الوزن الزائد وتحسين صحة الكبد. كما يساعد على التخلص من بعض البروتينات الضارة التي تتواجد بكثرة عند مرضى السكري من النوع الثاني والمرضى المصابين بالخرف.
وقد شبه العلماء عملية الصيام وتخفيف العبء عن الجسد وتوفير الطاقة بالطائرة التي لديها حمولة زائدة فتخفف من هذه الحمولة حتى تتمكن من الطيران بسهولة وهذا يؤدي إلى تدوير الخلايا الراكدة والتالفة.
كل هذا وغيره كثير يحصل في أجساد الصائمين دون أن ينقص من أجورهم شيئا وحتى نستفيد من صيامنا يجب علينا أن نلتزم بالوصايا النبوية من تأخير السحور وتعجيل الفطور والإفطار على تمرات إن وجدت أو جرعة ماء وعدم الإفراط في الطعام والشراب وشرب كمية كافية من الماء بين الإفطار والسحور.
وصدق من قال: “صوموا تصحوا ” وكل عام وانتم بخير .